Tuesday, 25 August 2015

الطبيعة خير معلم

مع التقدم التكنولوجي الذي صاحبه تخلف بيئي نجد أن المدن الحضرية بدأت تكبر مساحتها وتطغى على القرى والغابات والمساحات الخضراء.

بدأت فكرة لعب الأطفال في الطبيعة والعيش في بيئة طبيعية، بعيداً عن التصنيع والتلوث والزحام والضجيج والتوتر الناجم عن وقع الحياة السريع، يقل شيئا فشيئا وتبدوا أثار انعدامه جلية الأن عى الصغار قبل الكبار.  

فالعديد من الأبحاث بدأت تربط بين قلة الفرص لاحتكاك الأطفال بالطبيعة وزيادة أعراض أمراض مثل قلة التركيز لدى الأطفال وصعوبات الحفظ والتذكر.


فللتعلم في الطبيعة أو وسط مساحات خضراء في الهواء الطلق فوائد عدة فهو  يطور الإبداع ويساعد الأفراد على حلّ العقبات و يحسن قدرات الطفل وأدائه الأكاديمي، فقد بين المعهد الأميركي للبحوث في عام 2005 أن الطلاب الذين درسوا في الهواء الطلق وخضعوا للعلوم التجريبية القائمة على الطبيعة، تحسنت نتائجهم في اختبارات العلوم بنسبة 27 %.

عندما بدأت أفكر بالتعليم المنزلي كنت كثيرا ما أجد مدونات تتحدث عن أنشطة التعليم المنزلي ومناهجه وتنظيم حجرة التعليم المنزلي.

 كل التركيز كان على المنزل وبيئة المنزل، هذا عوضا عن لفظ (التعليم المنزلي) الذي لا أفضل استخدامه كثيرا لأنه يوحي للسامع أن العملية التعليمية تتم في المنزل فقط وأنه لا حاجة للطفل أن يخرج ويتعلم من المجتمع والبيئة حوله مما يجعل الكثيرين يرفضون الفكرة برمتها دون حتى النظر والتدقيق فيها بسبب الاسم الذي يستخدمه الأباء والامهات في عرض الفكرة لذلك أفضل استخدام التعليم البديل أو التعليم الذاتي.

لكن بعد ممارسة التعليم البديل مع ابنتي لبعض الوقت وجدت أنه لا مجال من التعلم خارج المنزل من خلال زيارة المتاحف والحدائق والأماكن العامة وبعد تكثيف البحث اكتشفت أنه يوجد مدارس بل وحركات تنموية تحث على التعلم في الطبيعة ومن خلال الطبيعة فتوجد في الدول الاسكندنافية مدارس يطلق عليها مدارس الغابات أو مدارس الطبيعة.

مدارس الطبيعة تلك تعتمد على التعليم في الهواء الطلق و يقوم فيها بالذهاب
 إلى الغابات/الأراضي المشجرة، وتعلم المهارات الشخصية والاجتماعية والفنية بل والأكاديمية.
تستخدم هذه المدارس الغابات كوسيلة لبناء الاستقلال واحترام الذات لدى الأطفال وتكون الموضوعات شاملة لعدة مواد دراسية مثل الرياضيات والعلوم بما في ذلك البيئة الطبيعية، مثل دور الأشجار في المجتمع، والنظام الإيكولوجي المعقد المدعوم من البرية، والتعرف على مجموعة محددة من النباتات والحيوانات بالاضافة الى اصقال المهارات الشخصية والاجتماعية مثل العمل الجماعي وحل المشكلات وتبادل الأدوار والاهتمام بالبيئة.

تعرفنا العام الماضي على مدرسة غابة بالقرب من منزلنا وبدأنا بالذهاب إليها مرة اسبوعيا تقام هذه المدرسة لمدة ساعتين مرة أسبوعيا من خلال وجود قائدة توفر للاطفال ملابس تلائم التواجد في الطبيعة في كل أنواع الطقس فهي عبارة عن بدلة عازلة للماء  يرتديها الطفل فوق ملابسه تحميه من الماء والطين والخدشات فروع الأشجار وتوفر قائدة المجموعة العدسات المكبرة لاكتشاف الحشرات والكائنات التي تقبع داخل وتحت الشجر وتوفر فرشات للرسم وتحث الاطفال على الرسم على الأشجار باستخدام الماء ووضع بعض الطين عليها لكي يكون مثل الطلاء.
ما أعجبني كثيرا في تلك الزيارات هو أسلوب قائد\ قائدة مدرسة الغابة فلا تقول للطفل افعل ولا تفعل هي توفر





 الخامات وتسأل أسئلة تجعل الطفل يفكر بنفسه ولا تحاول الاجابة على الاسئلة بل تجعل الطفل يبحث ويفكر ويكتشف. 

يعمل الأطفال سويا لبناء مأوى من أفرع الشجر المتساقطة (فمن أهم قواعد مدرسة الغابة عدم التعدي على الشجر أو الكائنات واحترامهم احتراما بالغا) فالأفرع التي سقطت هي التي نستخدمها لكن لا ينبغي علينا كسر أو قطع أفرع وأيضا السير بحذر حتى لا نؤذي الحشرات التي تعيش حولنا بل شاهدت الأطفال في مرة يجمعون أفرع وقطع الشجر لعمل فندق للحشرات طبعا كنت أداري خوفي وقشعريرتي أمام أبنائي عندما رأيتهم يضعون يدهم مثل كوبري لينتقل عليه الحشرات من أوراق الشجر إلى هذا الفندق الذي صمموه لهم.

أحيانا يقوم الأطفال بمساعدة القائدة على بناء نار للتدفئة وذلك باستخدام الشرارة التي تنشأ عن احتكاك أفرع الشجر لكن هذا النشاط كان للأطفال الأكبر سنا لخطورة النشاط.
في نهاية الزيارة يجلس الأطفال سويا ويتسامروا ويشربون مشروبا ساخنا مع بعض من البسكويت ثم يودعون القائدة وكلهم شعور بالفخر والراحة وصفاء الذهن.
أحاول تطبيق ما نتعلمه من مدرسة الطبيعة في تعليمنا البديل من خلال تواصل أطفالي مع الطبيعة بشكل يومي لذلك أعددت ركن خاص في حديقتنا لكي يحفروا في التربة ووفرت لهم بعض أواني الطهي كي يقومون بطهي 
حساء الطين مع ورق الأشجار أو عمل كيكة الرمال المحلاة بالفواكه البرية :)


أيضا فكرة التواجد في الطبيعة في كل أنواع الطقس المختلفة كان له تأثير مباشر على 
صحتهما الجسدية فكنا نخرج في المطر وفي الثلج ونذهب إلى حديقة أو غابة بالقرب منا في أي ظرف ما لكن نرتدي ملابس تلائم الجو. أخذ مني الأمر عناء كبيرا بسبب عدم تعودي على طقس لندن المتقلب وعلى البرد القارس لكن بعد الأخذ بنصيحة قائدة المدرسة عندما قالت (لا يوجد طقس سئ ولكن توجد ملابس غير ملائمة) منذ هذه اللحظة وجدت أن بالاستعداد بما نرتدي خاصة الأحذية وأغطية الرأس أصبحت تلك الخروجات ممتعة جدا بل ولنا مناطق خاصة يتطلع أولادي للذهاب اليها لمراقبة الطبيعة والتعلم منها وفيها.


بالاضافة الى ذلك بدأت مع مجموعة من الأمهات اللاتي يقمن بالتعليم البديل نتقابل في غابة قريبة منا ونمضي بها معظم اليوم مرة اسبوعيا يقوم فيه الأطفال بالتعرف على الطبيعة بحرية وملاحظة التغيرات التي تحدث في الغابة اسبوعيا وبناء مأوى لهم والقيام بالالعاب التخيلية وتسلق الأشجار.



اذا أردتي معرفة المزيد عن مدارس الطبيعة يمكنك مشاهدة هذا الفيديو من برنامج مذكرات سائح عن مدارس الطبيعة
فيه يتحدث عن مدرسة في تركيا تطبق فكرة مدرسة الطبيعة جزئيا وتدمجه بفكرة المدرسة الحديثة.
وهنا صفحة التعليم والتدريب كقائدة في مدرسة الغابة ومعلومات عن مدارس الغابات وأهمية التواصل مع الطبيعة. (الصفحة باللغة الانجليزية)


أدعو من خلال هذا المقال كل أم ومربية أن تأخذ أطفالها من أمام الشاشات المختلفة ومن بين الجدران الأربعة للمدرسة أو المدرسة المنزلية وتجربة التعليم الطبيعي الذاتي البديل وتدريبهم على التفكر والتعلم من خلال النظر في خلق الله والطبيعة حولنا التي حبانا الله بها كتذكير دائم بعظمته سبحانه وتعالى.
  شاركوني بأرائكم في تجاربكم باذن الله:)

3 comments:

  1. رائع يا إيلي. .برافو ماشاءالله :)

    ReplyDelete
  2. This comment has been removed by a blog administrator.

    ReplyDelete
  3. جزاكي الله خيرا يا أية :)

    ReplyDelete