Tuesday 15 August 2017

قليل دائم


وبدأ الشعور بالذنب يطرق بابي ثانية، هل ندرس ما يكفي؟ هل دب الملل إلى عالمنا الصغير الذي كان يوما ما مليئا بالمغامرات والاستكشافات؟ هل التهمني وحش الانشغال عن فلذات اكبادي؟

ابنتي تشاغب وابني يلتصق بي كما تلتصق قطعة الصوف بنبات الصبار يبكي ولا أعلم ما به، لا بل أعلم هذه صرخات استجداء كوني معنا حاضرة جسدا وذهنا وقلبا لا تكوني معنا بجسدك وعقلك في التقارير التي عليك كتابتها، أو عدد الساعات التي عليك قضاؤها بعيدا عنا. لكن كيف لي؟ 

شارفت ساعات التدريب العملي على الانتهاء ومع ان التجربة ممتعة ومفيدة للغاية فتعلمت من خلال الأشهر الماضية الكثير والكثير عن نفسي وعن أطفالي وعن الأطفال بشكل عام والتعليم وفلسفة المنتسوري بشكل خاص وجعلتني التجربة أكثر حرصا على النداء بأهمية دراسة منتسوري دراسة سليمة وأهمية قضاء وقت في مدرسة معتمدة لفهم أعمق للفلسفة ومعرفة الهدف وراء كل نشاط وكل درس وكل حركة وخطوة فكل هذا يكون محسوبا بدقة والكتب والفيديوهات والمنشورات وحدها لا ترصد لقطات تطبيق هذه الفلسفة الرائعة التي تتم معايشتها مع معلمات لديهن الخبرة والحكمة .

لكن بالرغم من أهمية التجربة بالنسبة الى تركتني منهكة ومتعبة وجعلتني نصف حاضرة لأطفالي وبدأ الشك في رحلتنا يدب إلى قلبي وراود خاطري هذا السؤال الذي يعصر قلب كل أم تقدم على التعليم المنزلي.
هل نفعل ما يكفي؟ 

سمعته مرارا من العديد من الصديقات والقارئات والمتابعات وكان دوما ردي يقذف السكينة في قلوبهن ويطمئنهن على حد قولهن.

قليل دائم... خير من كثير منقطع
نعم... على تذكر نصيحتي 

قليل من الوقت أكون حاضرة قلبا وعقلا وجسدا وكلي حب وشوق لأطفالي خير من كثير منقطع ومشوش ومشتت.

قليل من الضحك واللعب والتخطيط والدروس خير من كثير منقطع وملئ بالضغوطات والإخفاقات.

قليل من الكتابة في المدونة او التواصل مع مجتمع التعليم البديل الذي كبر ويكبر ويلهمني لبذل المزيد خير من كثير منقطع ينهكني ولا يلهمني ويشتت قرائي.

لذلك فكرت كثيرا وكتبت هذه الجملة في كل مكان حولي على الثلاجة، في مذكراتي، على مرآتي وبدأت أكررها على مسامعي بصوت عالي يوميا

قليل دائم
قليل دائم
قليل دائم

ولكن مازال تأنيب الضمير كلما تواصلت معي احدى صديقاتي وقارءاتي وسئلت أين انت؟ لماذا لا تكتبين كما عهدناك؟

 هل مازلتم تعلمون تعليما بديلا؟ والكثير والكثير.... 

لذا قررت أن أرصد لقطة واحدة في الْيَوْمَ من رحلتنا...واحدة فقط لتذكرني ب (قليل دائم) ومن خلالها احفظ تلك اللقطات في قلبي وعقلي حتى أعود اليها حينما ينتابني الشعور بالذنب ويدق بابي وحش الشك وأطمئن قلبي بان ما نفعل سيستمر لأنه وان كان قليلا لكنه باذن الله سيكون دائم وسيكفي.

* لمشاركة (لقطة في الْيَوْمَ ) من رحلتنا تابعونا على انستجرام وشاركونا في قليلكم او كثيركم الدائم والمفيد والمثمر باذن الله