Sunday 10 July 2016

العيد في الغربة

عندما انتقلت للعيش في لندن مرت علىّ أعياد كنت أشعر فيها بالكآبة بسبب عدم وجود أي مظاهر للاحتفال بالعيد حولي حتى في بعضها اضطر  زوجي للذهاب للعمل. كان هذا قبل أن يرزقنا الله بالأطفال ولكن بعد أن رزقنا الله بعاليا استشعرت أن مسئولية ادخال السرور على قلوبنا وقلوب أطفالنا هنا في الغربة هي على عاتقنا نحن كآباء وأنه ليس علينا انتظار أن يقوم بذلك المركز الإسلامي أو باقي أفراد العائلة.

لقد اتفقنا أنا وزوجي أن نبالغ في الاحتفال بالأعياد الخاصة بنا كمسلمين ونجعل أطفالنا يستشعروا أهمية الاحتفال بها.
وفعلاً بدأنا منذ أن تمت عاليا عام من عمرها أن نجعل من هذا اليوم حدث مهم في حياتها فنشتري هدايا وندعو أفراد العائلة على الطعام والحلوى ونذهب للصلاة وكل عيد نعد له شهور قبل أن يأتي سواء عيد الفطر أو عيد الأضحى وكان زوجي دائما يردد عندما يُسأل عن هذا الاستعداد الذي يراه  البعض مبالغاً فيه فيقول "أريد أن يحتفل أولادي بالعيد وينتظرونه كما كنت أحتفل بالكريسماس في صغري" .

بعد سنوات من التخطيط والعمل بجهد حتى نجعل من أيام العيد أيام هامة وممتعة في حياة أطفالي حدث موقف في احتفالات الكريسماس العام الماضي كانت عاليا مع  العديد من أصدقاؤها وكانوا يسألونها ماذا فعلت في الكريسماس وهل أتتك هدية جميلة؟ وسمعتها ترد بفخر "لا أنا مسلمة لا أحتفل بالكريسماس ولكن أنا أحتفل بالعيد وهو مرتان فتأتيني الهدايا مرتان ونخرج للحديقة ونأكل الحلوى كل ذلك مرتان".

صلاة العيد في الحديقة العامة
 عندما سمعتها فرحت فرحا شديدا بأنها فطنت لهذا ولم تتأثر بموسم الكريسماس فالمدينة كلها في هذا الوقت تتلألأ والمحال تضئ بكل ما هو براق وكنت أخاف أن يشعر أطفالي بالنقص أو بالغضب بسبب عدم احتفالنا ولكن الحمد لله أبدل الله خوفي طمأنينة فقد استشعرا ان اختلافنا ليس نقصا أو شيئا سلبيا وانما شعرت في نبرة صوتها بالعزة وليست عزة التعالي على الغير وإنما عزة أنا مختلفة وأحب اختلافي.

لذلك يحزنني عندما أرى بعض الأباء في بلاد الغربة خاصة التي لايدين الغالبية من سكانها بدين الإسلام وتكون شعائر الاحتفالات بالأعياد فيها قليلة جدا- إن وجدت- وهم لا يبالون ويقضون يوم العيد كغيره من الأيام ولا يفكروا في أن ادخال البهجة على قلوب أطفالهم ويجعلونها مسئولية كبيرة نصب أعينهم لأنه للأسف يرى الطفل احتفال الكريسماس شئ براق تعد له العدة أشهر قبل التاريخ أما العيد فهو رحلة الى المسجد المركزي للصلاة ثم يعود كل شئ على ما كان. 

لقد قمنا هذا العيد ببعض الاستعدادات حتى يستشعر أطفالي بروح الاحتفال مبكرا وسأرفق الأفكار هنا لما قمنا به واستوحيت العديد من تلك الأفكار من مدونات لأمهات نشيطات يمكنكن متابعة أنشطتهم التي أنشرها على صفحة الفيس بوك.

هدايا الجيران 
هذا العيد لأن أطفالي أكبر سنا قمنا بتصميم وعمل زينة العيد مبكرا بالاضافة إلى خبز البسكوت ومشاركته مع الجيران وكانت فرصة جيدة للتعرف أكثر على بعض الجيران الذين شاركونا بطرح أسئلتهم عن إحتفالنا بالعيد وعن الإسلام.

مشاركة أطفالي في إعداد هذه الهدية للجيران كانت مهمة فلقد استشعروا أنها حقا منهم وأنهم جزء من مجتمع كامل وليس أسرتنا فحسب فقد سألتني عاليا "لكن جيراننا غير مسلمون لماذا نعطيهم هذا هم لم يصوموا؟" قلت لها "ولكن لأننا نشعر بفرحة غامرة بسبب احتفالنا نريد أن نشاركهم فرحتنا أيضا فهم مهمون لنا لأنهم يسكنون في نفس شارعنا" وتحدثنا عن حق الجار وعن قصص لمعاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لجيرانه.
بالاضافة إلى اعداد أطفالي لحقيبة هدايا صغيرة لأصدقائهم اللذين سيرونهم في صلاة العيد مع أبائهم وأمهاتهم وصممت عاليا البطاقات وكتبت أسماء أصدقائها واختارت الألعاب والحلوى التي وضعتها في كل حقيبة أما كريم فاكتفى بأخذ الحلوى من الحقائب وأكلها هههه.


ماكينة خياطة من هدايا العيد لعاليا فهي تحب الأعمال اليدوية كأمها :)
أما هديا أطفالي كما ذكرت نعد لها مسبقا بحيث تتلائم مع احتياجتهم وميولهم ولذلك لاطفالي قائمة اسمها (قائمة الأمنيات) كلما أرادوا لعبة أو كتاب أو شئ ولا نستطيع لسبب ما شراؤه حينها نضعه في قائمة الأمنيات وفي نهاية العام بالقرب من موعد العيد أختار وأباهما الهدايا من هذه القائمة وذلك في عيد الفطر أو نأخذ أطفالنا ليختاروا هديتهم بأنفسهم وذلك في عيد الأضحى.

التركيز على اتباع سنن العيد من التكبيرات والاغتسال والثوب الجديد يجعل أطفالنا يرتبطوا بشعائر الاحتفال ويربطهم بسنة نبينا وحبيبنا خاصة اذا ما شرحت لهم نحن نفعل هذا لأن حبيبنا كان يفعل هذا وذلك يقوي حب نبي الله خاتم الأنبياء في قلوب أطفالنا.

أما بالنسبة للمهتمين بالتعليم المنزلي إذا استخلصنا الكم الهائل من الدروس التي يتعلمها طفلك في الإعداد للعيد بدءاً من تخطيط وإدخار وإيثار وصبر إلى المهارات الخاصة بالرياضيات والكتابة الخ لجعلنا للعيدين مكانهما في خطة التعليم المنزلي وتعاملنا معهما بشكل أكثر ابتكارية وجعلنا منهما وقتا ممتعا شيقا لأطفالنا. 

No comments:

Post a Comment